fbpx Skip to main content

نموذج المعلومات
نظرة عامّة إلى حرية الدين والمعتقد في لبنان:

جمهورية ديمقراطية برلمانية، تُراعَى فيها، عُرْفًا ونصًّا، حصصُ المجموعات الدينية الكبرى على مستوى السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. فيكون بموجب العُرف رئيسُ مجلس النواب فيها مسلمًا شيعيًّا، ورئيسُ مجلس الوزراء مسلمًا سنِّيًّا. أما رئيس الجمهورية فمسيحيٌّ مارونيّ. وأما على مستوى المجلس النيابي، فتَتوزع المقاعد على المجموعات الدينية بحسب مناطق وُجودها. وقد اختلفت الأنظمة الانتخابية عبر السنين لناحية اعتماد المبدأ النسبيِّ أو الأكثري أو لناحية تقسيم الدوائر الانتخابية، لكنها حافظت على شكل الحصص التي تَخصّ المجموعاتِ الدينيةَ بمقاعد محددة.

وتعلن الفقرة “ب” من مقدمة الدستور التزامَ لبنان مواثيقَ الأمم المتحدة والإعلانَ العالمي لحقوق الإنسان، بحيث تُجسِّد الدولة اللبنانية هذه المبادئ في جميع الحقوق والمجالات دون استثناء. وتُشكّل هذه المسألة التزامًا للسلطات في لبنان، يلزمها تجسيد هذا الأمر في جميع المجالات من دون استثناء. .رغم أنّ لبنان يُعتبر من أكثر البلدان حرية في المنطقة العربية، بحسب أحد التقارير الصادرة عن هيومن رايتس وُوتش، إلَّا أنه برز في الآونة الأخيرة لجوء الشخصيات ذات النفوذ في لبنان: “إلى استخدام القوانين التي تُجرّم القدح والذمّ كأداة للانتقام من منتقديها وقمعهم. حيث تم، بشكل خاص، استهداف الأشخاص الذين يوجهون اتهامات بالفساد وينتقدون الوضع الاقتصادي والسياسي المتدهور في البلاد” بحسب ما يورد التقرير ذاته.
وقد أظهرَت بعضُ التقارير تراجعًا مُقلقًا في حريّة التعبير في الآونة الأخير، ونشَرَت منظمةُ العفو الدولية مقالًا عنوَنَتْه:
شبحٌ يخيّم فوق حرية التعبير في لبنان يُظهر الواقعَ المتمثل بالاستدعاءات الكثيرة المرتبطة بحريّة الرأي، والضغط عن طريق الاستخدام المتعسّف للمواد 384 و474 و317 من قانون العقوبات، واستخدام المادة 23 من قانون جرائم المطبوعات، التي تعاقِب على التعرّض لشخص رئيس دولة أجنبية، بسجن الصحافيين مدة سنتين.

في الدستور اللبناني، تنصُّ المادة التاسعة منه على إطلاقية حریة الاعتقاد، وكفالة إقامة الشعائر الدينية. وأيضًا تفعل مقدمة الدستور التي تنص على أن لبنان يقوم على احترام الحریات العامة، وفي طلیعتها حریة الرأي والمعتقد. ثم إنَّ المادة 13 منه تنص على أنَّ: “حریة إبداء الرأي قولًا وكتابة وحریة الطباعة وحریة الاجتماع وحریة تألیف الجمعیات، كلها مكفولة ضمن دائرة القانون”.

أطلقت اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان أول إستراتيجية وطنية لحقوق الإنسان في مصر خلال أيلول/سبتمبر 2021، وذلك تحت رعاية رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي. تستهدف الإستراتيجية تلبية الاستحقاقات الدستورية، وأيضًا التزامات مصر الإقليمية والدولية بشأن حقوق الإنسان. تتبنى الإستراتيجية أربعة محاور كالآتي: الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق المرأة والطفل وذوي الهمم وكبار السن والشباب، وأخيرًا التثقيف وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان.

إلَّا أنَّ التقارير الدولية لا تزال تنتقد حالة حقوق الإنسان في مصر، حيث تشير إلى استهداف السلطات للمدافعين عن حقوق الإنسان والسياسيين المعارضين وغيرهم من النشطاء، عن طريق استدعائهم بصورة غير قانونية، واستجوابهم بالإكراه، وإخضاعهم لتدابير المراقبة خارج نطاق القضاء، ومنعهم من السفر. أيضًا تشير التقارير إلى فرض السلطات قيودًا واسعة على حرية التعبير والصحافة ووسائل الإعلام بشكلٍ عام، وفي ضمنها اعتقال الصحفيين أو مقاضاتهم، والرقابة، وحَجْب المواقع، وإساءة استخدام قوانين التشهير الجنائية؛

وفَرْض قيود على حرية الإنترنت؛ والتدخل الشديد في حرية التجمع السلمي، وحرية تكوين الجمعيات، ويَدخل في ذلك القوانين التقييدية المفرطة بشأن التنظيم أو التمويل أو التشغيل لِلمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني؛ والقيود المفروضة على حرية التنقل، ومنها حظر السفر المفروض على المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والنشطاء.

في نفس السياق، تؤكد السلطات المصرية احترام حرية الدين أو المعتقد لجميع المصريين. ولكنْ واقعيًّا، تتعدد أشكال الانتهاكات لهذا الحق، خصوصًا ضد المجموعات الدينية الأقل عددًا، مستندة إلى التمييز المقونَّن لمصلحة دين الأغلبية. وهو ما كان مثار نقد من مؤسسات دولية مهتمة برصد أوضاع الحريات الدينية ومراقبتها في العالم، وبالمثل من مؤسسات مصرية تعمل على تعزيز هذا الحق.

مواد الدستور المتعلقة بالهوية "الدينية" للدولة ومصدر التشريع والتنوع الديني وحرية الضمير

إن حريّة المعتقد وممارسة جميع الشعائر الدينية مكفولة في الدستور، بحسب الفقرة (ج) من مقدمة الدستور التي تنصُّ على حرية الرأي والمعتقد، وأيضًا بحسب المادة الثامنة منه التي تَضْمن الحريّة الشخصية وعدم جواز حجزها إلا وفقًا للقانون. وينصّ الدستور على حريّة الدين والمعتقد في المادة التاسعة منه، حيث تَضْمن هذه المادة مسألة كفالة حريّة إقامة الشعائر الدينية بشكل صريح، لكنها أيضًا تشترط فيها عدم “الإخلال” بالنظام العامِّ، وتَعطفها على احترام نظام قانون الأحوال الشخصية. أيضًا تنصُّ المادة 13 منه على حريّة إبداء الرأي قولًا وكتابة. أما المادة 19 منه، فتتحدث عن حريّة المعتقد في سياق الإشارة إلى حق العودة إلى المجلس الدستوري عند الحاجة إلى مراجعته، فتعطي رؤساءَ الطوائف المعترف بها حق المراجعة فيما يتعلق حصرًا بحريّة المعتقد وممارسة الشعائر الدينية وحريّة التعليم الديني.

القوانين/السياسات الحالية المتعلقة بحرية الدين والمعتقد

في قانون العقوبات، تنص المادة 308 منه على تجريم إثارة الاقتتال والحرب الأهلية وتسليح بعضهم ضد بعضهم الآخر، وتقضي بعقوبة الإعدام إذا تم الاعتداء. أما المادة 317، فتنص على معاقبة كل عمل وكتابة وخطاب يُقصد به إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة. وأيضًا فإن المادة 473 تُجرِّم التجديف على اسم الله علانية، والمادة 474 تجرّم تحقير الشعائر الدينية أو الحثَّ على ازدرائها، والمادة 475 تُجرّم إحداث التشويش عند إقامة الطقوس، وتهديم دُور العبادة وتدنيسها. وتتراوح العقوبات المنصوصة في هذه المادة من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات. لكن في المقابل، قد تُشكِّل هذه المواد بابًا للتفسير والتأويل، وبذلك قد تستخدمها السلطة ضد من لا يتوافق معها في الرأي (راجع). وأيضًا يجري استخدام هذه النصوص في الحدّ من الحريات الدينية وحريّة التعبير وحرية اعتناق الآراء.
لا قوانين للرِّدَّة في لبنان في إطار القانون العامِّ.

صدَّقَ لبنانُ الإعلانَ العالمي لحقوق الإنسان، والعهدَ الدَّولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في العام 1972. هذا العهد اعتمدَته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1966، الذي ينص في المادة 18 منه على حرية الفكر والوجدان والدين بمختلف أوْجُهِها. وقد صدَّقَ لبنانُ في أيار 2011 الميثاقَ العربي لحقوق الإنسان.

بطبيعة الحال، مرَّت حريّة المعتقد في لبنان بمحطات مختلفة تُمثل انتكاسات في ممارستها، كما حدث في الأزمات المختلفة، كالحرب الأهلية اللبنانية. وإذا ما قورنت مسألة حريّة الدين والمعتقد في لبنان بالواقع الذي ساد فتراتِ الحرب الأهلية على سبيل المثال، فإنه لا شك أن هناك تطورًا إيجابيًّا طرأ عليها. ويُعبِّر بيان السيد هاينر بيلفالدت عن هذه الإيجابية، في تقييمه الذي أصدره المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الدين أو المعتقد في نهاية زيارته لِلُبنان. إلا أن الواقع يشير إلى مجموعة عامة من الانتهاكات التي تطُولها.
لقد نشأ لبنان منذ أمارة الجبل على فكرة التسامح والحرّية والتنوع، وقد جرى التعبير عن هذا الأمر في محطاته التاريخية الأساسية في تنظيمات القائمّقاميّة 1843، والمتصرفية 1861، وفي القرارات الصادرة عن سلطات الانتداب، وقد ظهر في القانون 60 ل. ر. أيضًا فإن الدستور اللبناني قد نص صراحة على حريّة الاعتقاد المطلقة.

الانتهاكات من قِبل السلطة والقانون

الانتهاكات من قِبل السلطات الدينية

الانتهاكات المجتمعية

الانتهاكات من قِبل السلطة والقانون

الانتهاكات من قِبل السلطات الدينية

الانتهاكات المجتمعية

تَظهر في هذا المجال التقاريرُ الدولية المتعلقة بواقع حريّة الأديان في لبنان، وفي المؤسسات غير الحكومية (أديان، DLR وغيرها)”، التي تُعنَى بشؤون الحوار بين الأديان وتعزيز ثقافة الانفتاح والتنوّع، عن طريق عدد متنوّع من البرامج الحوارية والنشاطات الثقافية والمجتمعية، ومبادرات التعريف بالآخر، وتعزيز ثقافة الاختلاف. أيضًا هناك مبادرات الحوار بين الأديان والمؤتمرات، والبيانات التي تقوم بها المؤسسات الدينية المختلفة، مثل: “إعلان بيروت للحريّات الدينية”، الذي أعلنته جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت في العام 2015، والذي شدد على حريّة العقيدة والعبادة والتعليم، وعلى الحق في الاختلاف والتعدد والتزام المواثيق العربية والعالمية وغيرها.

الخاتمة

دائمًا ما يشار إلى واقع حريّة المعتقد في لبنان بشكل إيجابي، ومرَدُّ ذلك إلى المقارنة التلقائية التي يجريها المتابع بين لبنان ومحيطه العربي، حيث تَظهر قوانينُ التمييز وتقييد حريّة المعتقد في صلب الدساتير والقوانين. لكن النظر بمنهجيةٍ أكثر إلى واقع هذه الحريّة في لبنان، يُظهر أن هذه الصورة الناصعة دونها عقبات كثيرة، تتمثل بتعدد الانتهاكات، وبِسريانها في كامل الجسم الاجتماعي. فصحيح أن الدستور اللبناني يُظهر هذا التمايز فيما خص الإشارة صراحة إلى حريّة المعتقد، إلا أن هناك واقع التمييز بين المجموعات الدينية، وواقع محاباة مجموعات دينية على حساب أخرى، وهناك واقع قمع حريّة الاعتقاد بحجة حمايتها، بحسب ما تُظهره مواد العقوبات المتعلقة بـ”ازدراء الأديان”، وهناك واقع وجود حصرية التقاضي بين اللبنانيين حول قضايا أحوالهم الشخصية في مجموعة محددة من القوانين، على قياس مجموعات دينية محددة. هذه المجموعة من الوقائع تشير إلى ضرورة العمل وتفعيل المبادرات، من أجل الوصول إلى القضاء على أشكال انتهاك الحريات الدينية والاعتقادية.